کد مطلب:145718 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:190

خطبة زینب فی ملجس یزید
فی «الاحتجاج»: فقامت الیه زینب علیهاالسلام بنت علی بن أبی طالب علیه السلام و امها فاطمة علیهاالسلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و قالت:

الحمد لله رب العالیمن، و الصلاة علی جدی سید المرسلین، صدق الله سبحانه كذلك یقول: (ثم كان عاقبة الذین أساؤا السوی ء أن كذبوا بآیات الله و كانوا بها یستهزؤون).

أظننت یا یزید! حیث أخذت علینا أقطار الأرض، و ضیقت علینا آفاق السماء، فأصبحنا لك فی اسار [1] الذل، نساق الیك سوقا فی قطار [2] ، و أنت علینا ذو اقتدار، أن بنا علی الله هوانا، و علیك منه كرامة و امتنانا، و أن ذلك لعظم خطرك و جلالة قدرك.

فشمخت بأنفك و نظرت الی عطفك تضرب أصدریك فرحا [3] ، و تنفض مذرویك مرحا [4] حین رأیت الدنیا لك مستوسقة، و الامور لدیك متسقة،


و حین صفی لك ملكنا، و خلص لك سلطانا؟

فمهلا مهلا! أنسیت قول الله عزوجل: (و لا تحسبن الله غافلا عما یعمل الظالمون انما یؤخرهم لیوم تشخص فیه الأبصار) [5] .

و قال عزمن قائل: (و لا یحسبن الذین كفروا أنما نملی لهم خیر لأنفسهم انما نملی لهم لیزدادوا اثما و لهم عذاب مهین) [6] .

أمن العدل یابن الطلقاء! تخذیرك حرائرك و امائك، و سوقك بنات رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم سبایا؟ قد هتكت ستورهن، و أبدیت وجوههن، تحدوا بهن الأعداء من بلد الی بلد، و یستشرفهن أهل المناقل، و یبرزن لأهل المناهل، و یتصفح وجوههن القریب و البعید، و الغائب و الشهید، و الشریف و الوضیع، و الدنی و الرفیع.

لیس معهن من رجالهن، و لا من حماتهن حمیم، عتوا منك علی الله، و جحودا لرسول الله صلی الله علیه و آله و سلم من عند الله.

و لا غر و منك، و لا عجب من فعلك، و أنی یرتجی [مراقبة] ممن لفظ فوه أكباد الشهداء، و نبت لحمه بدماء السعداء، و نصب الحرب لسید الأوصیاء، و جمع الأحزاب، و شهر الحراب، و هز السیوف فی وجه رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم.

أشد العرب لله جحودا، و أنكرهم له رسولا، و أظهرهم له عدوانا، و أعتاهم علی الرب كفرا و طغیانا.


ألا انها نتیجة خلال الكفر، و صب یجرجر فی الصدر لقتلی یوم بدر، فلا یستبطی فی بغضنا أهل البیت، من كان نظره الینا شنئا و شنئآنا [7] و أحنا [8] و أضغانا یظهر كفره برسوله، و یفصح ذلك بلسانه، و هو یقول فرحا بقتل ولده، و سبی ذریته غیر متحور [9] و لا مستعظم یهتف بأشیاخه:



لأهلوا، و استحلوا فرحا

و لقالوا: یا یزید لا تشل



منحنیا علی ثنایا أبی عبدالله علیه السلام، و كان مقبل رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ینكتها بمخصرته قد التمع السرور بوجهه.

لعمری لقد نكأت القرحة [10] و استأصلت الشافة [11] باراقتك دم سید شباب أهل الجنة، و ابن یعسوب الدین والعرب، و شمس آل عبدالمطلب.

و هتفت بأشیاخك، و تقربت بدمه الی الكفرة من أسلافك، ثم صرخت بندائك.

[و] لعمری لقد نادیتهم لو شهدوك، [و] شیكا تشهدهم، و لن یشهدوك، و لتودن یمینك كما زعمت شلت منك عن مرفقها وجذت، و أحببت أمك لم


تحملك، و أباك لم یلدك، حین تصیر الی سخط الله تعالی، و مخاصمك [و مخاصم أبیك] رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم.

اللهم خذ بحقنا، و انتقم لنا ممن ظلمنا، و أحلل غضبك علی ما سفك دماءنا، و نقص ذمارنا [12] و قتل حماتنا، و هتك عنا سدولنا.

و فعلت فعلتك [التی فعلت] و ما فریت الا جلدك، و ما جزرت الا لحمك، و سترد علی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بما تحملت من دم ذریته، و انتهكت من حرمته، و سفكت من دماء عترته و لحمته، حیث یجمع به شملهم، و یلم شعثهم [13] ، و ینتقم من ظالمهم، و یأخذ لهم بحقهم من أعدائهم.

فلا یستفزنك الفرح بقتلهم، (و لا تحسبن الذین قتلوا فی سبیل الله أمواتا بل أحیاء عند ربهم یرزقون - فرحین بما آتاهم الله من فضله) [14] .

و حسبك بالله ولیا و حاكما، و برسول الله صلی الله علیه و آله و سلم خصیما، و بجبرئل ظهیرا، و سیعلم من بوأك و مكنك من رقاب المسلمین أن بئس للظالمین بدلا، و أنكم شر مكانا و أضل سبیلا.

و ما استصغاری قدرك، و لا استعظامی تقریعك، توهما لانتجاع الخطاب فیك بعد أن تركت عیون المسلمین عبری، و صدورهم عند ذلك حری، فتلك قلوب قاسیة، و نفوس طاغیة، و أجسام محشوة بسخط الله و لعنة الرسول قد عشش فیها الشیطان و فرخ، و من هناك مثلك ما درج و نهض.

فالعجب كل العجب! لقتل الأتقیاء، و أولاد الأنبیاء [و سلیل الأوصیاء]


بأیدی الطلقاء الخبیثة، و نسل العهجرة الفجرة، تنطف أكفهم من دمائنا، و تتحلب أفواههم من لحومنا، و للجثث الزاكیة علی الجبوب [15] الضاحیة، تنتابها العواسل، و تعفرها الفراعل.

فلئن اتخذتنا مغنما لتجد بنا [16] و شیكا مغرما، حین لا تجد الا ما قدمت یداك، و ما الله بظلام للعبید، فالی الله المشتكی و المعول، و الیه الملجأ و المؤمل.

ثم كد كیدك، و اجهد جهدك، فوالذی شرفنا بالوحی و الكتاب، و النبوة و الانتخاب [17] ، لا تدرك أمدنا، و لا تبلغ غایتنا، و لا تمحو ذكرنا، و لا ترحض عنك عارنا.

و هل رأیك الا فند [18] ، و أیامك الا عدد، و جمعك الابدد، یوم ینادی المنادی: ألا لعن الظالم العادی.

و الحمد لله الذی ختم لأولیائه بالسعادة، و حكم لأصفیائه ببلوغ الارادة، و نقلهم الی الرحمة و الرأفة، و الرضوان و المغفرة، و لم یشق بهم غیرك، و لا ابتلی بهم سواك.

و نسأله أن یكمل لهم الأجر، و یجزل لهم الثواب و الذخر.

و نسأله حسن الخلافة، و جمیل الانابة، انه رحیم ودود.


فقال یزید لعنه الله مجیبا لها:



یا صیحة تحمد من صوائح

ما أهون الموت علی النوائح



ثم أمر بردهم [19] .


[1] الاسار - بالكسر -: القد، كانوا يشدون الأسير بالقد فسمي كل أخيذ أسيرا، و ان لم يؤسر به، يقال: أسرت الرجل أسرا و اسارا، كذا في «مجمع البحرين» (74 / 1)، «منه رحمه الله».

[2] جاءت الابل قطارا - بالكسر - أي: مقطورة، «منه رحمه الله».

[3] قولهم: جاء فلان يضرب أسدريه و أصدريه أي: عطفيه و منكبيه اذا جاء فارغا ليس بيده شي ء و لم يفض طلبته، و ربما قالوا: أزدريه بالزاء (صحاح) و الهمزة فيهن مفتوحة، و هذا المعني لا يناسب المقام، فرخ - بكسر الراء - كما في قوله تعالي: (ان الله لا يحب الفرحين) «منه رحمه الله».

[4] المذروان - بالكسر -: أطراف الألية... و من الرأس ناحيتاه، و جاء ينفض مذرويه: باغيا متهدرا «القاموس»، مرح - كفرح -: أشر و بطر و اختال و نشط و تبختر... قوله تعالي: (و لا تمش في الأرض مرحا) «منه رحمه الله».

[5] ابراهيم: 42.

[6] آل عمران: 178.

[7] شناء، شنآءه... و شنئانا: أبغضه، قوله تعالي: (شنئان قوم) محركه أي: بغضاء قوم، و سكون النون: بغض قوم...، «منه رحمه الله».

[8] أحسن الرجل...: أظهر العداوة.

[9] في البحار: متحوب، و فلان يتحوب من كذا أي: يتأثم، و التحوب أيضا: التوجع و التحزن، (قاله الملجسي رحمه الله).

[10] القرحة - هي بفتح القاف و سكون الراء واحدة القرح و القروح -: و هي حبة تخرج في البدن «منه رحمه الله».

[11] الشأفة: هي بالهمزة قرحة تخرج في أسفل القدم فتقطع و تكوي فتذهب (مجمع البحرين)، قال في «القاموس»: الشافة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوي فتذهب، و اذا قطعت مات صاحبها، «منه رحمه الله».

[12] في البحار: ذمامنا.

[13] الشعث - محركه -: انتشار الأمر، «منه رحمه الله».

[14] آل عمران: 170 - 169.

[15] الجبوب - بالفتح -: الأرض، أو وجهها، أو غليظها، أو التراب، «منه رحمه الله».

[16] في البحار: لتتخذنا.

[17] في البحار: و الانتجاب.

[18] الفند - بالتحريك -: الخطاء في القول و الرأي و الكذب، «منه رحمه الله».

[19] الاحتجاج: 37 - 35 / 2، عنه البحار: 160 - 157 / 45، مع اختلاف يسير في الألفاظ.